فصل: قال الصابوني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وكان هذا هو الشوط الثالث.
فأما الشوط الرابع فتناول إشارة غير صريحة إلى موضوع تزويج زينب بنت جحش القرشية الهاشمية بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من زيد بن حارثة مولاه وما نزل في شأنه أولا من رد أمر المؤمنين والمؤمنات كافة إلى الله، ليس لهم منه شيء، وليس لهم في أنفسهم خيرة. إنما هي إرادة الله وقدره الذي يسير كل شيء، ويستسلم له المؤمن الاستسلام الكامل الصريح: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}.
ثم يعقب حادث الزواج حادث الطلاق؛ وما وراءه من إبطال آثار التبني، الذي سبق الكلام عليه في أولالسورة. إبطاله بسابقة عملية؛ يختار لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشخصه، لشدة عمق هذه العادة في البيئة العربية، وصعوبة الخروج عليها. فيقع الابتلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملها فيما يحمل من أعباء الدعوة وتقرير أصولها في واقع المجتمع، بعد تقريرها في أعماق الضمير: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا}.
وبهذه المناسبة يوضح حقيقة العلاقة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كافة: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.
ويختم هذا الشوط بتوجيهات للرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين.{ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا}.
ويبدأ الشوط الخامس ببيان حكم المطلقات قبل الدخول. ثم يتناول تنظيم الحياة الزوجية للنبي صلى الله عليه وسلم فيبين من يحل له من النساء المؤمنات ومن يحرمن عليه. ويستطرد إلى تنظيم علاقة المسلمين ببيوت النبي وزوجاته، في حياته وبعد وفاته وتقرير احتجابهن إلا على آبائهن أو أبنائهن أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن أو نسائهن، أو ما ملكت أيمانهن. وإلى بيان جزاء الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في أزواجه وبيوته وشعوره؛ ويلعنهم في الدنيا والآخرة. مما يشي بأن المنافقين وغيرهم كانوا يأتون من هذا شيئا كثيرا.
ويعقب على هذا بأمر أزواج النبي وبناته ونساء المؤمنين كافة أن يدنين عليهن من جلابيبهن {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}. وبتهديد المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة بإغراء النبي صلى الله عليه وسلم بهم وإخراجهم من المدينة كما خرج من قبل بنو قينقاع وبنو النضير، أو القضاء عليهم كما وقع لبني قريظة أخيرا. وكل هذا يشير إلى شدة إيذاء هذه المجموعة للمجتمع الإسلامي في المدينة بوسائل شريرة خبيثة.
والشوط السادس والأخير في السورة يتضمن سؤال الناس عن الساعة، والإجابة على هذا التساؤل بأن علم الساعة عند الله، والتلويح بأنها قد تكون قريبا. ويتبع هذا مشهد من مشاهد القيامة: {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا}. ونقمتهم على سادتهم وكبرائهم الذين أطاعوهم فأضلوهم: {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا}.
ثم تختم السورة بإيقاع هائل عميق الدلالة والتأثير: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما}.
وهو إيقاع يكشف عن جسامة العبء الملقى على عاتق البشرية، وعلى عاتق الجماعة المسلمة بصفة خاصة؛ وهي التي تنهض وحدها بعبء هذه الأمانة الكبرى. أمانة العقيدة والاستقامة عليها. والدعوة والصبر على تكاليفها، والشريعة والقيام على تنفيذها في أنفسهم وفي الأرض من حولهم. مما يتمشى مع موضوع السورة، وجوها؛ وطبيعة المنهج الإلهي الذي تتولى السورة تنظيم المجتمع الإسلامي على أساسه. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الأحزاب مدنية وآياتها ثلاث وسبعون آية.

.بين يدي السورة:

سورة الأحزاب من السور المدنية، التي تتناول الجانب التشريعي لحياة الأمة الإسلامية، شأن سائر السور المدنية، وقد تناولت حياة المسلمين الخاصة والعامة، وبالأخص أمر الأسرة فشرعت الأحكام بما يكفل للمجتمع السعادة والهناء، وأبطلت بعض التقاليد والعادات الموروثة، مثل التبني، والظهار، واعتقاد وجود قلبين لإنسان وطفرته من رواسب المجتمع الجاهلى، ومن تلك الخرافات والأساطير الموهومة، التي كانت متفشية في ذلك الزمان.
ويمكن أن نلخص المواضيع الكبرى لهذه السورة الكريمة في نقاط ثلاث: أولا: التوجيهات والآداب الإسلامية، التي شرعها الخالق جل وعلا لعباده المؤمنين، لسعادتهم وراحتهم. ثانيا: الأحكام الإلهية التي تنظم حياة الأسرة والمجتمع تنظيما دقيقا. ثالثا: الحديث عن غزوتي الأحزاب، وبني قريظة بالتفصيل وما فيهما من العبر.
أما الأولى: فقد جاء الحديث عن بعض الآداب الاجتماعية كآداب الوليمة، وآداب الستر والحجاب، وعدم التبرج، وآداب معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم واحترامه إلى أخر ما هنالك من آداب اجتماعية.
وأما الثانية: فقد جاء الحديث عنها في بعض الأحكام التشريعية مثل حكم الظهار، والتبني، والإرث، وزواج مطلقة الابن من التبني، وتعدد زوجات الرسول الطاهرات والحكمة منه، وحكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم الحجاب الشرعي، والأحكام المتعلقة بأمور الدعوة إلى الوليمة إلى غير ما هنالك من أحكام تشريعية.
وأما الثالثة: فقد تحدلت السورة بالتفصيل عن غزوة الخندق التي تسمى غزوة الأحزاب وصورتها تصويرا دقيقا، بتضافر قوى البغي والشر على المؤمنين، وكشفت عن خفايا المنافقين، وحذرت من طرقهم في الكيد والتخذيل والتمبيط، وأطالت الحديث عنهم في بدء السورة وفي ختمها، حتى لم تبق لهم سترا، ولم تخف لهم مكرا، وذكرت المؤمنين بنعمة الله العظمى عليهم، في رد كيد أعدائهم، بإرسال الملائكة والريح، كما تحدثت عن غزوة بني قريظة ونقض اليهود عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وختمت بذكر الأمانة العظمى التي حملها الإنسان.

.التسمية:

سميت سورة الأحزاب لأن المشركين تحزبوا على المسلمين من كل جهة، فاجتمع كفار مكة مع غطفان، وبني قريظة، وأوباشى العرب على حرب المسلمين، ولكن الله ردهم مدحورين وكفى المؤمنين القتال بتلك المعجزة الباهرة. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الأحزاب مدنية ونظيرتها في الشامي خاصة الزمر ولا نظير لها في غيره.
وكلمها ألف ومائتان وثمانون كلمة.
وحروفها خمسة آلاف وسبع مئة وستة وتسعون حرفا.
وهي سبعون وثلاث آيات في جميع العدد ليس فيها اختلاف.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع موضع واحد وهو قوله تعالى: {إلى أوليائكم معروفا}.

.ورءوس الآي:

{حكيما}.
1- {خبيرا}.
2- {وكيلا}.
3- {السبيل}.
4- {رحيما}.
5- {مسطورا}.
6- {غليظا}.
7- {أليما}.
8- {بصيرا}.
9- {الظنونا}.
10- {شديدا}.
11- {غرورا}.
12- {فرارا}.
13- {يسيرا}.
14- {مسؤولا}.
15- {قليلا}.
16- {نصيرا}.
17- {قليلا}.
18- {يسيرا}.
19- {قليلا}.
20- {كثيرا}.
21- {وتسليما}.
22- {تبديلا}.
23- {رحيما}.
24- {عزيزا}.
25- {فريقا}.
26- {قديرا}.
27- {جميلا}.
28- {عظيما}.
29- {يسيرا}.
30- {كريما}.
31- {معروفا}.
32- {تطهيرا}.
33- {خبيرا}.
34- {عظيما}.
35- {مبينا}.
36- {مفعولا}.
37- {مقدورا}.
38- {حسيبا}.
39- {عليما}.
40- {كثيرا}.
41- {وأصيلا}.
42- {رحيما}.
43- {كريما}.
44- {ونذيرا}.
45- {منيرا}.
46- {كبيرا}.
47- {وكيلا}.
48- {جميلا}.
49- {رحيما}.
50- {حليما}.
51- {رقيبا}.
52- {عظيما}.
53- {عليما}.
54- {شهيدا}.
55- {تسليما}.
56- {مهينا}.
57- {مبينا}.
58- {رحيما}.
59- {قليلا}.
60- {تقتيلا}.
61- {تبديلا}.
62- {قريبا}.
63- {سعيرا}.
64- {نصيرا}.
65- {الرسولا}.
66- {السبيلا}.
67- {كثيرا}.
68- {وجيها}.
69- {سديدا}.
70- {عظيما}.
71- {جهولا}.
72- {رحيما}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الأحزاب:
قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة اللّه على نور من اللّه ترجو ثواب اللّه، وأن تترك معصية اللّه على نور من اللّه مخافة عذاب اللّه، وتوكل على اللّه: أي فوّض أمورك إليه، الوكيل: الحافظ للأمور.